يُعدّ غياب المؤشرات والأرقام الإحصائية الدقيقة، التي تعكس حجم قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومدى إسهامه في الاقتصاد السوري أمراً ملفتاً للباحث والمهتم. كما أنه يشكل بطبيعة الحال حجر عثرة أمام محاولة فهم ودراسة هذا القطاع، بشكل عميق ودقيق. ويمنع هذا النقص من إجراء تقييم حقيقي لواقع هذا القطاع واحتياجاته والصعوبات التي تواجهه، كما أنه يحدّ من القدرة، على إجراء مقارنةٍ، مع الأرقام والمؤشرات والتجارب العالمية في هذا المجال.
لقد تناولت الدراسات العلمية الاقتصادية هذا الموضوع بالكثير من الدراسة والتحليل، بدءاً من محاولة فهم المبررات النظرية لنشوء هذا النوع من الأعمال، مروراً بدراسة العراقيل والصعوبات التي تحول دون تطور وتعظيم الاستفادة من هذه البنى التنظيمية ذات الخصوصية الاقتصادية، من منظور التحليل الاقتصادي الجزئي، وصولاً إلى المقترحات العملية الهادفة، إلى تذليل الصعوبات، ودعم نمو واستدامة نشاط عمل هذه المؤسسات.
اتفقت هذه الدراسات على أن هذا النمط من المنشآت، يشكل حجر الأساس للاقتصادات الوطنية، ويسهم بشكل عام في تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي، نظراً لما تمثله من فرص وإمكانات إنتاجية وتشغيلية وتصديرية، مقارنةً بالشركات ذات الأحجام الكبيرة القائمة، على مبدأ وفورات الحجم، التي رغم انعكاس هذا التأثير في تكاليف إنتاجها وحصتها السوقية وقدراتها التنافسية، إلا أن التأثير العام في النمو الاقتصادي يبقى ذا أهمية ودلالة نسبية أقل. ومن هنا برزت فكرة تدخل السلطات الحكومية، لدعم هذا النوع من الشركات لمواجهة فشل وعدم كفاءة السوق، في توزيع الموارد وتقاسم الأعباء والمخاطر، الأمر الذي لا تواجهه الشركات الكبيرة.
في الواقع، لا يقتصر دور الشركات الصغيرة والمتوسطة (ش.ص.م)، على خلق فرص عمل في الاقتصاد الوطني بتكلفة أقل من تلك التي لدى الشركات الكبيرة، بل يمتد إلى توسيع الحركة الصناعية، لتشمل الأرياف والمناطق المهمشة، وبالتالي التقليل من اختلال التوازن الإقليمي والمناطقي، وضمان توزيع أكثر عدالة للدخل والثروة، الأمر الذي يدلل على البعد الاجتماعي الهام المرتبط بوجود وتطور هذا النوع من الشركات.
يُستعرض فيما يلي بعض الأرقام والمؤشرات حول حجم وأهمية هذا القطاع حول العالم، ومن ثَمَّة يتم تبيان كيفيّة معرفة الشركات الصغيرة والمتوسطة (ش.ص.م) ومتطلبات دعمها، ومن ثَمَّ نتعرّف واقع هذا القطاع في سورية من خلال دراسة ميدانية للقطاع، وتكون الخاتمة ببعض المقترحات والتوصيات.
مداد